الحمد لله الذي قصم بالموت رقاب الجبابرة و كسر به ظهور الأكاسرة و قصر به آمال القياصرة الذين لم تزل قلوبهم عن ذكر الموت نافرة حتى جاءهم الوعد الحق فأرداهم في الحافرة فنقلوا من القصور إلى القبور و من أنس العشرة إلى وحشة الوحدة و من المضجع الوثير إلى المصرع الوبيل
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد ابن عبد الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن هذه الظاهرة البشرية والعولمة الثقافية فتحتِ الأبواب على مصراعيها وجعلت عقول الشباب تحت القصف الدائم والمركز مِن الآخر ومن يتبع له من المتعاطفين معه فأنتجت أسئلة فكرية وعقدية جديدة في إطارٍ فارغٍ من أي فكرٍ أصيل عند هؤلاء الشباب وساعد على تنامي ذلك غفلةٌ من أهل الفكر الأصيل فتشكلت قناعات جديدة ورؤى حديثة وأصبحت هذه الأسئلة المحمومة والأفكار الجديدة نشطة في أوساط بعض الشباب والمراهقين والذين لم تكن لهم خلفية ثقافية دينية متينة.ولعل ما نسمعه أو نشاهده اليوم من روايات أو قصص أو مقالات صدرت من هؤلاء الشباب ليس إلا القطرات الأولى من هذا الطوفان القادم طوفان التمرد الفكري بكافة مستوياته وأشكاله.إن هذا المخاض والحِراك الدائب يتم في غفلة طويلة ونوم عميق من قِبَل المهتمين والمختصين بالشأن التربوي والديني وإنني أزعم أننا في هذا الوقت نواجه تمردًا فكريًّا مقنعا وعما قريب لا قدر الله سيصبح تمردًا علنيّا قد يقلب معادلات كثيرة ويغيِّر تصورات عديدة كانت راسخة ونمطية عن مجتمعنا قد يحدث هذا في أي لحظة ما لم يسارع أهل الاختصاص في التدخل لوقف أو تخفيف حدة هذا الطوفان المستـتر والحديث هنا ليس عن تمردٍ على أعراف أو آراء معينة سائدة أو اختيارات فرعية وإنما تمرد يمسُّ الأصول الكبرى لعقيدة الإسلام النقية.لقد كانت الشهوات التي تزيِّنها وتدعو إليها أغلب القنوات الفضائية هي الخطرَ الأعظم الذي كان يواجهه الشباب وكان المشايخ والدعاة والوعاظ يركزون جهودهم عليها تحذيرًا ومعالجة لكن موجة أخطر وأعظم يهون عندها ذلك الخطر وهي موجة الانحراف الفكري والخلل العقدي أصبحت اليوم على وشك اقتحام عقول الشباب بشكل كبير بفضل القنوات الفضائية ومنتديات الإنترنت والروايات.إنها حرب عقائدية وفكرية تستقطب كافة القدرات والعقليات لزعزعة الثوابت العقائدية وخلخلة الأمن الفكري عند الشباب وإنني أزعم آسفًا أن تلك الحرب نجحت نجاحا كبيرا في التسلل إلى شريحة من شبابنا في ظل غفلتنا وتساهلنا.لقد شغل أهل الفكر ونُخب المثقفين والدعاة عن هموم الشباب ذكورًا وإناثًا وخصوصًا أسئلتهم الحرجة والذكية بصراعات ومعارك داخلية فتت في اللحمة الفكرية وشككت الشباب في قيمهم ورموزهم.